عدوى الأفكار والمشاعر في العصر الرقمي والحاجة إلى تقوية المناعات الداخلية
بقلم: محمد أحمد
كما تنتقل الفيروسات والأوبئة من شخص إلى آخر دون تعمد مباشر، فإن المشاعر والأفكار تنتقل بنفس الطريقة، ومن هنا جاء في الحديث النبوي المتفق عليه بالتأكيد على أهمية اختيار الجليس الصالح الإيجابي الذي لا ينقل إلينا عدوى المشاعر والاتجاهات السلبية"إنما مثل الجليس الصالح وجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك إما أن يحاذيك، وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحاً طيبة، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد منه ريحاً منتنة" وفي الحديث إشارة واضحة إلى عدوى المشاعر والأفكار التي يتناقلها الناس قد تحدث بمجرد التشارك في المواقف المختلفة ولا ينجو من هذه العدوى إلا القليل من العصاميين. ومنهم الشاعر الذي تحدث عن نفسه فقال:" تثاءَبَ عمروٌ، إذ تثاءَبَ خالدٌ، بعَدْوى، فما أعدتَنْيَ الثُؤبَاء".
ونؤكد هنا أن عدوى المشاعر والأفكار في عصرنا الراهن لا تستلزم المعاشرة الحقيقية فالتواصل الافتراضي أيضاَ يحمل فيروسات العدوى النفسية والفكرية، فمجموعات الدردشة تجعل البعض يخرج مكتئباً مشبعاً بأفكار سلبية والبعض يخرج بجرعات من التحفيز.
وهناك العدوى الفكرية والنفسية التي تنتقل إلى الإنسان بمجرد مشاهدة الصور الإعلانية التي يتم اختيار ألوانها وخطوطها وأشكالها بعناية فائقة لتحقق أعلى درجات التأثير على المشاهدين، فضلاً عن العدوى التي تنتقل من خلال مواقع التواصل الاجتماعي والقنوات الفضائية وعالم الألعاب الالكترونية.
وكل هذه المخاطر تستلزم تظافر جهود الأسرة والمدرسة في تحصين الأبناء من الفيروسات العابرة للقارات وممارسة بعض العزل الصحي للحفاظ على الأصحاء.